價格:免費
更新日期:2018-04-01
檔案大小:3.7M
目前版本:1.0
版本需求:Android 4.3 以上版本
官方網站:mailto:abdogreenboys048@gmail.com
قد يَغفُل كثيرٌ من النَّاس عن الاعتِناء بأعمال القلوب، مع أنَّ ذلك من جملة الإيمان، بل إنَّ ذلك من أوَّل ما يَدخل في الإيمان، قال ابن تيمية: "ولا بدَّ أن يَدخل في قوله: اعتِقاد القلب أعمالُ القلب المقارنة لتصديقِه؛ مثل حبِّ الله، وخشية الله، والتوكُّلِ على الله ونحو ذلك، فإنَّ دخول أعمال القلْب في الإيمان أوْلى من دخول أعمال الجوارح باتِّفاق الطَّوائف كلها"[1].
عمل القلب أهم من عمل الجوارح:
وعمَل القلب أشدُّ وجوبًا من عمَل الجوارح؛ ولذا قال ابن القيِّم موضحًا ذلك: "ومن تأمَّل الشريعةَ في مصادرها وموارِدها علِم ارتباطَ أعمال الجوارح بأعمال القلوب، وأنَّها لا تَنفع بدونها، وأنَّ أعمال القلوب أفْرَضُ على العبد من أعمال الجوارح، وهل يميَّز المؤمن عن المنافق إلَّا بما في قلب كلِّ واحدٍ منهما من الأعمال التي ميزَت بينهما، وهل يمكن أحدٌ الدُّخولَ في الإسلام إلَّا بعمل قلبه قبل جوارحه، وعبوديَّةُ القلب أعظَمُ من عبوديَّة الجوارح، وأكثر وأدوم؛ فهي واجِبةٌ في كلِّ وقت"[2].
وقال: "وعمل القلب؛ كالمحبَّة له والتوكُّل عليه، والإنابةِ إليه والخوفِ منه، والرَّجاءِ له وإخلاص الدِّين له، والصَّبرِ على أوامره وعن نواهيه وعلى أقداره، والرِّضى به وعنه، والموالاة فيه والمعاداة فيه، والذلِّ له والخضوع، والإخباتِ إليه والطمأنينة به، وغير ذلك من أعمال القلوب التي فرْضها أفرْضُ من أعمال الجوارح، ومستَحَبُّها أحبُّ إلى الله من مستحَبِّها، وعمَل الجوارح بدونها إمَّا عديم المنفعة أو قليل المنفعة"[3].
ولذا كان عمَل القلب أعظَمَ خطرًا من عمَل الجوارح، وأشدَّ أمرًا؛ فمَن أتى بعمَل الجوارح غافلًا عن عمَل القلب كان ضالًّا أو مقصِّرًا بحسب نوع ترْكه لعمل القلب، قال ابن القيم: "إنَّ لله على العبد عبوديتَين؛ عبوديةً باطِنة وعبوديَّة ظاهرة، فله على قلبه عبوديَّة، وعلى لسانه وجوارحِه عبودية؛ فقيامُه بصورة العبوديَّة الظَّاهرة مع تعرِّيه عن حقيقة العبوديَّة الباطِنة ممَّا لا يقرِّبه إلى ربِّه ولا يوجِب له الثَّواب وقبول عمله؛ فإنَّ المقصود امتِحانُ القلوب وابتلاء السَّرائر، فعمل القلب هو رُوح العبوديَّة ولبُّها، فإذا خَلا عمَل الجوارح منه كان كالجسد الموات بلا رُوح"[4].
وإنَّما كان لعمل القلب هذه الأهميَّة الكبيرة؛ لأنَّه سائقُ النَّفس وقائدُها؛ ولذا "إذا قام بالقلب التصديق بـ (الله) والمحبَّةُ له لزم ضرورةً أن يتحرَّك البدَنُ بموجب ذلك من الأقوال الظَّاهرة والأعمالِ الظَّاهرة، فما يَظهر على البدن من الأقوال والأعمال هو موجِب ما في القلب ولازمه، ودليلُه ومَعلوله، كما أنَّ ما يقوم بالبدَن من الأقوال والأعمال له أيضًا تأثير فيما في القلب؛ فكلٌّ منهما يؤثِّر في الآخَر، لكنَّ القلبَ هو الأصلُ والبدنَ فرعٌ له، والفرع يستمدُّ من أصله، والأصل يَثبُت ويقوى بفرعه؛ كما في الشَّجرة التي ضُرب بها المثَلُ لكلمة الإيمان قال تعالى: ﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ﴾ [إبراهيم: 24، 25]، وهي كلمةُ التوحيد، والشجَرةُ كلَّما قويَ أصلُها وعرق وروي قويَت فروعُها، وفروعها أيضًا إذا اغتذَت بالمطَر والرِّيح أثَّر ذلك في أصلها، وكذلك الإيمان في القلب والإسلام علانية، ولمَّا كانت الأقوال والأعمال الظَّاهرة لازمةً ومستلزمة للأقوال والأعمال الباطِنة كان يستدلُّ بها عليها"[5].